تاثير الرصاص على أنظمة النقل العصبي

1 التأثير على أنظمة النقل العصبي [Neurotransmetteur] :

اهتمت بعض الدراسات بتفسير الآليات الهامة المتعلقة بتأثير الرصاص على مستوى الإستقلاب عبر الغشائي للخلية العصبية سواء بالتداخل مع الكالسيوم أو بالتأثير على الناقلات العصبية (Araki et al., 2000).
تعتبر الناقلات العصبية (أمينات، أحماض أمينية وببتيدات) جزئيات كيميائية صغيرة، توجد في كل الأنسجة العصبية، يتم تخليقها في السيتوبلازم داخل الحويصلات قبل المشبكية، يتم تحريرها إلى خارج الخلية (الفراغ المشبكي)، لها دور هام في الإتصال الكيميائي المباشر بين الخلايا العصبية وتنظيم ومراقبة عدد كبير من الفعاليات كالنوم، الجوع، الذاكرة والحركة (Poulain, 1998).
يؤدي الرصاص إلى تغيرات كبيرة في أنظمة النقل العصبي وقد أثبتت على مواقع مختلفة من المخ (نواة Accumbens ، منطقة حصان البحر وSeptum) وهذه التأثيرات أحيانا تكون مرتبطة بتركيز الرصاص، كما يمكن لها أيضا أن تتغير على حسب طور النمو العصبي.
بينت عدة دراسات تأثيرات الرصاص على القدرة الوظيفية لأنظمة النقل العصبي :
الـدوبامينية، الجلوتامينية، الكولينية، السيروتونية، الأدرينالية، الببتتيدية ونظام الـ GABA. (Kala et Jadhav, 1995 a et b; Pokora et al., 1996; Nagata et al.,1997; Jadhav et Ramesh, 1997; Luo et Berman, 1997; Sun et al., 1997; Leret et al., 2002 ).

4-1-1-1 تأثير الرصاص على النظام الدوباميني :

يعتبر الدوبامين ناقل عصبي هام يمثل 50% من الكاتيكولامينات المحتواة في الجهاز العصبي المركزي، يقوم بعدد كبير من وظائف النظام العصبي الهامه كالإدراك الحسي والحركي، الذاكرة، تنظيم ومراقبة بعض هرمونات الغدة النخامية.
يمثل الدوبامين أحد الكاتيكولامينات مثل الإدرينالين، النورأدرينالين، السيروتونين والهيستامين، فجميعها ناقلات عصبية يتم تخليقها إنطلاقا من أحماض أمينية. يتم تخليق الدوبامين في الخلايا العصبية الدوبامينية عند كل النهايات المتفرعة من الأكزونات إنطلاقا من الحمض الأميني التيروزين خلال مراحل متعددة.
إن تبادل الدوبامين مع المستقبلات الخاصة يسمح بتغيير إنفعالية (إثارة)، إستقلاب، حركية وتمايز الخلية. كما أنه يتدخل في تشخيص بعض أمراض الإنسان فهو يرتبط أساسا بالأمراض النفسية كأنفصام الشخصية (schizophrénie)، مرض باركنسون وبعض أمرض الغدة النخامية (Tarazi, 2001).
تعتمد فعالية الناقل العصبي بتثبيته على المستقبلات الغشائية الخاصة، ففي حالة الدوبامين هذه المستقبلات تنتمي إلى عائلة المستقبلات المزدوجة مع بروتين G (Baldessarini et Tarazi, 2001).
يكمن تأثير الرصاص في عجز تنظيم تخليق الدوبامين وتحريره (Cory-Slechta, 1995)، يصحبه نقص للنقل المشبكي في الأعصاب المحيطية، كذلك نقص في مستويات حمض ثنائي هيدروكسيد فينيل أسيتيك (Dopac) وحمض الهوموفانيليك (HVA) (Flora et al., 1999; Tang et al., 1995).
يلاحظ في دماغ الجرذان المعرضة للرصاص خلال مرحلة ما قبل الولادة إنخفاضا لكمية الأمينات الأحادية (الدوبامين، النورأدرينالين والسيروتونين)، كما ينخفض معدل تحرير الدوبامين على مستوى نواة accumbens (NAc) (Antonio et al., 1996). يمكن تفسير هذه التأثيرات بالتداخل السلبي ما بين النظامين الدوباميني والجلوتاميني (Cory-Slechta et al., 1997).

تأثيرات الرصاص مختلفة على النظام الدوباميني وغالبا ما تكون في اللمبية الوسطية والمنطقة السوداء فالرابطة «Binding D2 - D2» تزداد في الجسم المخطط وتنقص في نواة accumbens بعد التعرض للرصاص (Groris et al., 1989; Kala et Jadhav, 1995a).
إن المستقبلات الذاتية الوسطية التي تنظم تخليق الدوبامين في الجسم اللمبي الوسطي والمنطقة السوداء تتلف بواسطة الرصاص الذي يخفض من تحريرها عن طريق تغيير في التخزين الحويصلي و/ أو نقص في النقل المشبكي.
في دراسات أخرى عدد مواقع الـ D2 يزيد في نواة accumbens وبطريقة مماثلة ينقص في الجسم المخطط بعد التعرض لمستوى أدنى من الرصاص بعد الولادة (Widzowski et al., 1994).

4-1-1-2 النظام الجلوتاميني ومستقبلات NMDA الجلوتامينية :

يمثل الجلوتامات الناقل العصبي الرئيسي المحفز والمنشط للجهاز العصبي المركزي المسؤول على إرسال السائل العصبي إلى الدماغ البالغ، حيث تعتبر مستقبلات الـ NMDA قنوات أيونية نشطة فيزيولوجيا بسبب وجود رابطة بين الجلوتامات والجليسين على موقعين مختلفين وكذلك زوال استقطاب الغشاء الذي عند فتحها يسمح بدخول هام للصوديوم والكالسيوم.
تلعب فعالية مستقبلات NMDA دورا كبيرا في التسمم العصبي للجلوتامات وأيضا دورا مركزيا في دمج تفاعلات بروتينات كيناز في استجابة النقل الجلوتاميني وأيضا النقل الدوباميني للـ Striatum (Choe et McGinty, 2000, 2001).

هناك دراسات خاصة مقنعة للغاية، بينت تأثير الرصاص على النقل العصبي الجلوتاميني خاصة على مستقبلات NMDA (Ujihara et Albuquerque, 1992a, Ishihara et al., 1995a).
يقوم الرصاص بتثبيط المستقبلات الجلوتامينية من نوع NMDA في دماغ الجرذان حديثة الولادة (Alkondon et al., 1990) مقارنة مع دماغ الجرذان البالغة (Rajanna et al., 1997).
بصفة خاصة هذه المستقبلات معنية أثناء التطور والنمو في التكوين المشبكي Synaptogénèse وتشارك في الآليات الأولية للذاكرة والتعلم (التكيف) مثل الـ P LT (Altmann et al., 1991).

بين فريق Alkondon وزملائه في دراسة أجريت على أعصاب منطقة حصان البحر لجرذ بأن الرصاص يثبط فعالية مستقبلات NMDA عند تركيز 10ميكرومول.
كما أثبتوا عمليا أن التأثير التثبيطي المباشر لتعرض قصير المدى من الرصاص يكون عكسي على مستقبلات NMDA، بينما يكون التثبيط طويل المدى والمتواصل لهذه المستقبلات مشابها لما يحدث داخل الجسم in vivo نتيجة التسمم المزمن، فهو يستطيع أن ينقص من النمو، التكوين العصبي وظواهر الليونة المشبكية (Alkondon et al., 1990).

دراسة لفريق Marchioro وعدة باحثين، بينت أن الرصاص يتداخل مع النقل الجلوتاميني حسب آلية ثنائية الطور معتمدة على تركيزه، حيث أن الرصاص وبتركيز ضعيف (<1ميكرومول) يقوي استجابة NMDA الجلوتامينية في وجود تركيز غير مشبع من الجليسين (0.01-0.05 ميكرومول).
بينما في تراكيز عالية (1-10ميكرومول) يقوم الرصاص بتثبيط في تركيز مشبع (10ميكرومول) من الجليسين (Marchioro et al., 1996).
تشير هذه النتائج إلى أن الرصاص يسلط تأثيراته رافعا بذلك ألفة المستقبل للجليسين، حيث أن تأثيره التثبيطي يصدر عن تداخله مع المواقع القابلة أن تكون مشغولة بالكالسيوم.

تحرير الجلوتامات هام جدا وطويل جدا ويسبب موت عصبي عن طريق آلية تحتاج لدخول الكالسيوم، آلية التسمم العصبي هذه يمكن أن يكون لها دورا فيزيولوجيا طوال المراحل المبكرة لتطور الكائن الحي ontogenèse حاذفا بذلك الأعصاب الزائدة.
وخلال مرحلة ما بعد الولادة، تتحرر الجلوتامات بصفة كبيرة (بعد حدوث فقر الدم الموضعي على سبيل المثال) والذي يعتبر مسؤول عن تلف عصبي يمكن ملاحظته، كما يظهر أن التأثير التثبيطي للرصاص على مستقبلات NMDA مرتبط بمرحلة النضج الخلوي والتطور فأثناء مرحلة الرضاعة تظهر حساسية كبيرة للفعل التثبيطي للرصاص (Rajanna et al., 1997).
فعند تطبيق الـ NMDA والجليسين على أعصاب غير ناضجة (7 أيام) أثناء زراعة حصان البحر لجرذ تترجم بظهور تيار يزيل التحسس بصفة سريعة وبظهور مركب صغير وبطيء، في نفس الظروف التيار الحاصل عن طريق الأعصاب الأكثر نضجا (30 يوم) تقدم مركبا سريع متبوع بمركب بطيء أكثر أهمية (Ujihara et Albuquerque, 1992a).
المركب السريع في الأعصاب الغير ناضجة والناضجة يثبط بالرصاص بينما المركب البطيء أكثر مقاومة للرصاص في الأعصاب الناضجة (Ishihara et al., 1995a et b).
تشير هذه الملاحظات إلى أن بعض تحت وحدات مستقبلات NMDA في طبيعتها وكميتها تختلف مع العمر ويمكن أن تكون لها حساسيات مختلفة تجاه الرصاص (Omelchenko et al., 1996).

إن تأثير الرصاص بزيادة أو خفض نشاط النقل الجلوتاميني (حسب تركيز الرصاص، والجليسين) يمكن أن يحدث تشوهات في تطور الجهاز العصبي المركزي أثناء تكوينه.
فدخول Ca+2 بواسطة قناة NMDA يظهر ارتفاعا مستمرا في تركيز Ca+2 السيتوبلازمي، هذا الإرتفاع هو نتيجة لتنشيط الإنزيمات الحساسة للكالسيوم والتي يحتمل أنها مسؤولة عن الموت العصبي وهذه الإنزيمات هي (NO-synthase, protéases, lipases, oxydases, protéines kinases ).

مستقبلات أخرى مثلAMPA ، KA و mGluRs تعتبر جميعها مستقبلات جلوتامينية أخرى أيضا تتأثر كذلك بالتسمم العصبي الناتج عن الرصاص (Nakanishi et al., 1998)، إن إزدواجية بعض القنوات مثل (AMPA / KA) تعطل أو تنشط حسب تركيز الرصاص، هذا التثبيط أو التنشيط قد وضح في أنواع مختلفة من القنوات الأيونية، كقنوات الكالسيوم المرتبطة بالفولتاج، قنوات البوتاسيوم المنشطة بالكالسيوم، المستقبلات النيكوتينية للأسيتيل كولين (nAChR)، مستقبلات 5HT3 السيروتونية، مستقبلات GABAα (Oortgiesen et al., 1997).

عند إستعمال تقنيات المعالجة بالكهرباء والأشعة (Electrophysiologiques) والتصوير الإشعاعي الذاتي (Autoradiographiques) في عدة دراسات أوضحت بأن الرصاص يعطل القنوات المنشطة بالـ NMDA في منطقة حصان البحر، ويحدث خلل كبير في الـ LTP عند الجرذان (Lasley et al., 1993, 1996).

السلام عليكم يبدو الموضوع مشيق رغم أنني لم أكمل قراءته ورغم أنني لم أفهم بعض الكلمات لكنه حقا مفيد جزاك الله عنا ألف خير